أخبار

السودان: «الحرية والتغيير» تتمسك بخروج العسكر من السلطة… والبرهان يجدد اتهاماته باستهداف القوات النظامية

الخرطوم ـ «القدس العربي»: قال المجلس المركزي لـ «الحرية والتغيير» إنه استمع لملاحظات الجانب العسكري حول العملية السياسية، والتي تسلمها عبر الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد. كما أكد تمسكه بالسلطة المدنية الكاملة وإصلاح المؤسسة العسكرية، مشيرا إلى أن عملية بناء الجبهة المدنية المناهضة لانقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، والتنسيق بين قوى الثورة، تمضي بخطوات واسعة إلى الأمام.
وفي إطار مناقشة تطورات الأوضاع السياسية في البلاد، عقد المجلس اجتماعا مساء أمس الأول الأحد، استمع خلاله لتقرير حول سير العملية السياسية، وملاحظات الجانب العسكري التي سلمها للآلية الثلاثية بناء على المناقشات التي جرت مع قوى «الحرية والتغيير».

رؤية للحل السياسي

وحسب بيان للتحالف، فإن رؤيته «للحل السياسي المفضي لإنهاء الانقلاب تقوم على رؤيته المطروحة، والتي تتمسك بسلطة مدنية كاملة وحقيقية دون وصاية من جهة، مع نأي المؤسسة العسكرية عن العمل السياسي وإعمال الإصلاحات اللازمة التي تقود لجيش واحد مهني وقومي، فضلا عن عملية شاملة للعدالة والعدالة الانتقالية بمشاركة واسعة من كل أصحاب المصلحة، والوصول بنهاية المرحلة الانتقالية لانتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب من يمثله».
ويسعى لتحقيق هذه الرؤية «من خلال تعاطيه الإيجابي مع العملية السياسية التي تيسرها الآلية الثلاثية»، متهماً «جهات بتصعيد حملات موجهة ضد قوى الحرية والتغيير مجتمعة ومنفردة، تستهدف تماسكها ووحدتها».
وأكد على أن ما حمله تصريح القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان عن نشاط حزب البعث العربي الاشتراكي (من مكونات الحرية والتغيير) في الجيش هو أمر «غير صحيح»، مشددا على أن «كل قوى التحالف تنأى عن العمل وسط القوات المسلحة، وتسعى للنأي بالمؤسسة العسكرية عن العمل السياسي كلياً».
وبيّن أن قوى الحرية والتغيير «موحدة ولا تقبل أي استهداف لأي من مكوناتها».
كما طالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين ومنهم القيادي في «الحرية والتغيير» وحزب البعث العربي الاشتراكي، وجدي صالح، وعضو لجنة إزالة التمكين عبد الله سليمان، مؤكدا على تصعيد حملات المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وشدد على أن «حريتهم حق لا يجوز أن يسلب بتطويع القوانين لخدمة أجندة سياسية»، مشيرا إلى «مناهضة الاعتقالات السياسية بكل السبل المشروعة».
وكان البرهان قد اتهم البعثيين والشيوعيين، بالإضافة إلى الاسلاميين بالتدخل في شؤون الجيش وتحريض الجنود والضباط.
كما أكد خلال مخاطبته الجنود بمعسكر المرخيات للعمليات، الأحد، على رفضهم لتفكيك الجيش، ومعاداة كل من يتدخل في شؤونه، مشددا على تمسكهم بتكوين حكومة مدنية تحت وصاية الجيش إن حادت عن برنامجها، سيكون العسكر بسلاحهم حاضرين لتصحيح المسار، كما حدث في 25 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، على حد قوله.

رمزا للأمان

وعاد البرهان، أمس، وخاطب قوات الشرطة، مؤكدا أن الشرطة ظلت متمسكة بالعمل باحترافية ومهنية ومحافظة على روحها القومية.
وأكد على التزام الشرطة بالمهام المنصوص عليها في قوانينها وعدم تحيزها إلى أي جهة، مضيفا أن «قوات الشرطة ستظل رمزا للأمان في البلاد شاء من شاء وأبى من أبى».

نفت ما أثاره قائد الجيش عن تدخل حزب البعث في المؤسسة العسكرية

وتابع أن «الشرطة ظلت تواجه الكثير من الصعاب التي قد تحول دون أداء مهامها بالطريقة الاحترافية»، مؤكدا أن «القيادة العسكرية لا تريد أن تقصم ظهر الشرطة، وأنها تدرك أن من حق أفرادها أن يحظوا بالتأمين الكامل لجميع احتياجاتهم في مهامهم ومعداتهم». وأشار إلى أن «كل من سيأتي على سدة الدولة السودانية سيظل مهتما بأمر الشرطة، لجهة أنها الحارس لأمن وسلامة وقيم المجتمع السوداني، وكل ما يمكن من دوران الحياة العامة باستقرار وطمأنينة».
وناشد المواطنين، ومن وصفهم بـ«المُضَلَّلين» والمغيبين الذين يعتقدون أن «الشرطة هي عدو للشعب وللشباب والمتظاهرين»، مؤكدا أنها «ليست كذلك».
وقال إن «كل من يحافظ على الأمن وحقوق الآخرين ولا يعتدي على أي جهة، ستكون الشرطة صديقته وتحميه، وفي المقابل ستقف في مواجهة كل من يحاول العبث بأمن البلاد».
وأكد أنهم «حاولوا فض المنظومة التي كانت قائمة في العهد السابق بغرض الهيمنة من اتجاه واحد على قوات الشرطة وتهميش وزارة الداخلية»، معلنا أن الشرطة «يجب أن تكون محترفة ومتخصصة، وأن يكون من يعمل في قسم العمليات في مكانه ويؤدي مهامه وكذلك من يعمل في قسم آخر يركز على تخصصه من أجل تجويد العمل وواجباته.»
وأضاف: «الاحترافية هي ما تميز عملنا كعسكريين، ونحن نسعى من أجل أن تصبح الشرطة محترفة وغير مسيسة تؤدي واجباتها ومهامها في الإطار المطلوب»، مشيرا إلى أن «عمليات الإصلاح يجب أن تتم بمبادرة من منسوبي الشرطة، وأن العاملين بها يجب أن يسعوا بأنفسهم لتجويد أدائهم وأن يستعدوا لتقبل الأمور التي تجود الخدمة وتقوم بتمتينها».
وأكد أن «الشرطة تستحق أن تمنح وسام الإنجاز العسكري، وأن من حق منسوبيها أن يكرموا على ما يبذلونه من جهود»، مؤكدا أن «الشعب السوداني شاهد على هذه الجهود، والتي برزت خلال الأعوام الثلاثة الماضية بالتحديد، بعد سقوط نظام الإنقاذ، بلا كلل أو ملل أو تقاعس».
وأوضح أن «ما قاله قليل فقط مما تقوم به الشرطة المنتشرة في جميع بقاع السودان، فهي تتحمل مسؤولية التصدي للهجمات والانفلات الأمني، خصوصا في مناطق النزاعات، وعناصرها أول من يتلقى الصدمات ويتضرر في تلك الأحداث».
قوات الشرطة في أنحاء البلاد المختلفة، حسب البرهان «ظلت صامدة على الرغم من صعوبة الظروف وضعف الحماية، وأن ذلك لم يتسبب في تخليهم عن واجباتهم ومهامهم باحترافية».
وتابع، مخاطبا قوات الشرطة: «سنظل نحن وأنتم صفا واحدا في القوات النظامية نواجة كل من يحاول الاعتداء على حرمات الشعب السوادني»، مشيرا إلى المثل المحلي الذي يقول: (الحوش إذا عايز ترميه إلا غزازة غزازة)، أي إذا أردت هدم مكان يجب تدمر كل جزء على حدة.
وأشار إلى متابعتهم لمن اتهمهم بـ «استهداف النسيج الوطني»، وأنهم حاولوا «زعزعة قوات الدعم السريع والقوات المسلحة وكذلك الشرطة»، التي أكد أنها «العمود القوي الذي يستند عليه البناء الوطني، وأنه لن يهتز أبدا.»
وأشار إلى أن ما وصفه بالاستهداف للشرطة يجب ألا يؤثر على تماسكها وقوتها، مشيرا إلى أن جميع الاجهزة النظامية ظلت مستهدفة من قبل جهات لا تنظر لمستقبل السودان ومصلحته.
وأكد على «ضرورة استقلالية الأجهزة العسكرية في البلاد، وأن لا تخضع لأهواء سياسية وأي أغراض أخرى، وأن تنقح القوانين الحالية وتشرع القوانين اللازمة في الصدد، بما يتضمن كيفية اختيار مدير عام الشرطة، قياداتها وفق نظم واضحة وليس وفقا لأهواء أحد ومزاجه»، معتبرا أن ذلك «جزء من عملية إصلاح القوات النظامية».
وقال كذلك إن «القوات النظامية كلها سواسية في خدمة المواطنين» التي اعتبرها «الغاية الأسمى لوجود هذه القوات»، مضيفا: إننا «نؤكد للشعب السوداني أن الشرطة في خدمة الشعب ومنه وصديقة له.»
ومنذ انقلاب البرهان على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، تواجه قوات الشرطة ضمن الأجهزة النظامية الأخرى اتهامات بقمع المتظاهرين المناهضين للحكم العسكري في البلاد.
وفي مارس/ آذار الماضي، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على قوات الاحتياطي المركزي التابعة للشرطة بسبب ارتكابها انتهاكات جسيمة ضد المتظاهرين.
وقتل خلال قمع الأجهزة النظامية للتظاهرات المتصاعدة لأكثر من عام، والتي تطالب بالحكم المدني في البلاد، نحو 119 قتيلا وأكثر من 6000 جريح. وفي يوليو/ تموز الماضي أعلن البرهان خروج العسكر من العمل السياسي، إلا أنه لم يتخذ أي خطوات في الصدد، مطالبا المدنيين بالتوافق على حكومة انتقالية.
وفي الأثناء تمضي الوساطة الرباعية التي تقودها واشنطن والرياض والآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيغاد، في دفع الأطراف السودانية للتوافق.
وفي وقت تعتبر «الحرية والتغيير» إنهاء الانقلاب عبر العملية السياسية أمرا ممكنا، تتمسك لجان المقاومة وأحزاب وتنظيمات سياسية برفض الحوار والشراكة ومنح الشرعية لقادة الانقلاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى