آراء

هَلِ السُّــــودَانُ عَالـــــةٌ عَلَىْ نَهْـــــرِ النِّيـــْـلِ؟

آدم أجــــــــرى.
ما من سياسى متمرس أو مبتدئ لم يشر للمعاناة التى يعيشها مواطن نهر النيل، حتى الجنوبيون قبل إستقلالهم ظلوا يشيرون لذلك، كل الحركات الثورية المحترمة لا تفرق بين المواطنين، وبالضرورة تفرق بينهم وبين النخب السلطوية. كل الأقاليم فيها لصوص، ولصوص نهر النيل لا يُظهرون غنائمهم لأهلهم، لا يشيدون بيوتاً فى ولايتهم بل يخفونها فى الخرطوم ويهربونها للخارج، وعند زياراتهم المحدودة ينزلون فى بيوت طين بناها آباءهم واجدادهم. لكن ما بال البرهان وهو قمة السلطة يتقوقع مناطقياً، فتصدر منه تلميحات بأن السودان يعيش عالة على ولايته! التعرف على أبناء نهر النيل سهل، الشرطة ظاهرة ولا ثمة ما يشير إلى أن أفراد الولاية يشكلون الغلبة فيها، والجيش لا يظهر فيه ما يشير إلى أكثريتهم فى صفوفه. السودان لا يعيش عالة على هذه الولاية وكنوز الذهب فيها وحدها إنما موجودة فى النيل الأزرق دارفور وجبال النوبة.

جبل عامر حقيقة وليس وهمٌ، أزمة السيانايد فى تلودى لم تنشأ عبثاً، لم نسمع يوماً عن رأس ماشية واحد خرجت للصادر من نهر النيل، لا صمغاً، لا ذرة، لا نفطاً، لا سمسماً ولا فولاً، مئات الأطنان من فواكه أقاليم منتجة تلتهمها الماشية والضأن لصعوبة وصولها الأسواق. البرهان قال أن أبناءهم (؟) مستهدفون فى كل مكان بينما يستقبلون فى ولايتهم كل الناس. كل الناس ربما قصد بهم الدهّابة الذين تنهار عليهم المناجم وأصحاب المهن الهامشية وصغار الموظفين صغار الذين تأتى بهم المؤسسات، لا أعرف كيف نسى إن نخبة نهر النيل هم ملاك هذه المناجم، ومناجم الأقاليم الأخرى، ينعمون بها وكل جمعة يفطرون مع أسرهم وشللهم فى الفنادق بمليارات الجنيهات، نخبة نهر النيل هى الفئة المحتكرة للسلع الرئيسية فى الأقاليم مثل السكر والدقيق، حصائل البيع تقوم بإخلاءها أولاً بأول فلا تستفيد منها أفرع البنوك فى تمويل أنشطة أخرى.

هى نفس الفئة التى تستقوى بسلطة الدولة لحسم المنافسة مع الآخرين – سوق ليبيا مثالاً- البرهان أشار إلى نخبة ولايته التى تُعلم الناس العادات الطيبة وقيم التكاتف والتراحم، لا نعرف من هم وأين كانت هذه القيم طوال الوقت. لم نصادف منها كوادر فكرية محترمة ولا خبراء تركوا بصماتهم. تعاملنا مع متسلقين منهم يمثلون الدولة لا تنسجم درجاتهم العلمية العالية مع قدراتهم المتأرجحة بين المتدنية والمتدنية جداً، ولا غرابة أنهم لا يتركون أثراً طيباً فى ولايتهم ناهيكم عن الدولة، فهل يمكن تسويق أسطورة تقول: أن السودان يعيش عالة على نهر النيل؟

آدم أجـــــرى.

14 يوليو 2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى