أخبار

السودان… سيول الفشل

عبد الحميد عوض

أكثر السودانيين تشاؤماً من انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم يكن يتوقع أن يكون فشل الانقلاب بهذا المستوى، وبهذا الشمول في كافة القطاعات.

آخر مظاهر الفشل الانقلابي، ظهر في كارثة السيول والأمطار التي ضربت البلاد في الأسابيع الماضية، خصوصاً في شمال ووسط وغرب السودان. وفيها فقدت البلاد نحو 80 روحاً، وتهدم أكثر من 35 ألف منزل، ما بين كلي وجزئي، وغيرها من الخسائر. ومن المتوقع أن تتضاعف تلك الخسائر خلال الفترة المقبلة، لأن البلاد في بداية فصل الخريف والفيضانات.

في منطقة المناقل وسط السودان على سبيل المثال، داهمت السيول مئات القرى وشردت الآلاف، ويتفاقم الوضع يوماً بعد يوم. وحتى اللحظة لم يستلم المتأثرون بالسيول من حكومتهم حتى مجرد مخيمات لتؤويهم من أشعة الشمس وتساقط المطر، دعك من توفير الغذاء والدواء، وهم يعيشون فقط على ما يجود به الخيرون. أرسلت السلطة الانقلابية فقط قوات من سلاح المهندسين لفتح قنوات تصريف المياه، وهي مهمة فشلت فيها، حيث لا تزال المياه تحاصر عشرات القرى.

رغم حجم الكارثة لم يجتمع مجلس السيادة، الذي صادر البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، مهماته. أما مجلس الوزراء المغيب، وعبر 6 من وزرائه الذين أبقاهم الانقلاب، فقد عقد جلسة خجولة على عجل، أعلن فيها حالة الاستنفار والطوارئ بشأن كوارث السيول والأضرار التي طاولت 6 ولايات. وأسوأ ما كشفه الاجتماع على لسان وزير الري المكلف ضو البيت عبد الرحمن هو خطأ ارتكبته وزارته بفتح ممرات مائية، نتج عنها تدفق المياه إلى منطقة المناقل. وتلك أعظم من كارثة السيول نفسها.

من العدل والإنصاف القول إن كارثة السيول والفيضانات سنوية في السودان، وفشلت كل الحكومات السابقة في الاستعداد لها والتعامل معها والحد من آثارها. لكن ما حدث هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق من حيث درجة الاستعداد والإهمال والتجاهل، وضعف حتى الدعم المعنوي للمتأثرين.

أكدت كارثة السيول والفيضانات أن فشل العسكر وضعف قدراتهم ليس محصوراً في المجالات السياسية وحدها، ولا في العجز الاقتصادي ومعيشة الناس، ولا في العجز الدبلوماسي، بل يشمل ضعفاً بائناً في إدارة الأزمات والكوارث، وهذا ما يستوجب عليهم التفكير في تقليل الكلفة الكلية، وأن يقرروا من ذاتهم التنحي والعودة للثكنات.

دلالات

 البث المباشر

السودان… سيول الفشل

عبد الحميد عوض

أكثر السودانيين تشاؤماً من انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم يكن يتوقع أن يكون فشل الانقلاب بهذا المستوى، وبهذا الشمول في كافة القطاعات.

آخر مظاهر الفشل الانقلابي، ظهر في كارثة السيول والأمطار التي ضربت البلاد في الأسابيع الماضية، خصوصاً في شمال ووسط وغرب السودان. وفيها فقدت البلاد نحو 80 روحاً، وتهدم أكثر من 35 ألف منزل، ما بين كلي وجزئي، وغيرها من الخسائر. ومن المتوقع أن تتضاعف تلك الخسائر خلال الفترة المقبلة، لأن البلاد في بداية فصل الخريف والفيضانات.

في منطقة المناقل وسط السودان على سبيل المثال، داهمت السيول مئات القرى وشردت الآلاف، ويتفاقم الوضع يوماً بعد يوم. وحتى اللحظة لم يستلم المتأثرون بالسيول من حكومتهم حتى مجرد مخيمات لتؤويهم من أشعة الشمس وتساقط المطر، دعك من توفير الغذاء والدواء، وهم يعيشون فقط على ما يجود به الخيرون. أرسلت السلطة الانقلابية فقط قوات من سلاح المهندسين لفتح قنوات تصريف المياه، وهي مهمة فشلت فيها، حيث لا تزال المياه تحاصر عشرات القرى.

رغم حجم الكارثة لم يجتمع مجلس السيادة، الذي صادر البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، مهماته. أما مجلس الوزراء المغيب، وعبر 6 من وزرائه الذين أبقاهم الانقلاب، فقد عقد جلسة خجولة على عجل، أعلن فيها حالة الاستنفار والطوارئ بشأن كوارث السيول والأضرار التي طاولت 6 ولايات. وأسوأ ما كشفه الاجتماع على لسان وزير الري المكلف ضو البيت عبد الرحمن هو خطأ ارتكبته وزارته بفتح ممرات مائية، نتج عنها تدفق المياه إلى منطقة المناقل. وتلك أعظم من كارثة السيول نفسها.

من العدل والإنصاف القول إن كارثة السيول والفيضانات سنوية في السودان، وفشلت كل الحكومات السابقة في الاستعداد لها والتعامل معها والحد من آثارها. لكن ما حدث هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق من حيث درجة الاستعداد والإهمال والتجاهل، وضعف حتى الدعم المعنوي للمتأثرين.

أكدت كارثة السيول والفيضانات أن فشل العسكر وضعف قدراتهم ليس محصوراً في المجالات السياسية وحدها، ولا في العجز الاقتصادي ومعيشة الناس، ولا في العجز الدبلوماسي، بل يشمل ضعفاً بائناً في إدارة الأزمات والكوارث، وهذا ما يستوجب عليهم التفكير في تقليل الكلفة الكلية، وأن يقرروا من ذاتهم التنحي والعودة للثكنات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى