أخبار

السودان: لجان المقاومة تدعو لإحياء ذكرى فضّ الاعتصام بتظاهرة مليونية

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أعلنت تنسيقيات لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن السودانية، عن تظاهرات مليونية، اليوم الجمعة، بالتزامن مع مرور الذكرى الثالثة لـ«مجزرة» فضّ الأجهزة الأمنية اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، في 3 يونيو/حزيران 2019، والذي كان يطالب بالحكم المدني الديمقراطي. في وقت أكد فيه عدد من قوى المعارضة، رفضها الانخراط في المحادثات المباشرة التي دعت لها الآلية الثلاثية المشتركة لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي و«إيغاد» الأسبوع المقبل.
وفي فجر 3 يونيو/حزيران 2019، الموافق 29 رمضان، وبينما كان آلاف المحتجين منهمكين في التحضير للاحتفاء بعيد الفطر في مقر الاعتصام، أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة، وسط الخرطوم، هاجمت قوات عسكرية، تتبع للمجلس العسكري الانتقالي الحاكم وقتها، ميدان الاعتصام من كل الاتجاهات، وخلّف الهجوم أكثر من 130 قتيلاً، وعشرات المفقودين ومئات الجرحى، بجانب عمليات اغتصاب وعنف جنسي. وبالتزامن مع ذلك، فضت الأجهزة الأمنية وقتها عددا من الاعتصامات أمام مقرات الجيش في عدد من المدن السودانية.

إغلاق شوارع

وحسب بيان لتنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم، صدر الخميس، فإن «الترتيبات لتظاهرات ذكرى مجزرة القيادة، ستبدأ الجمعة، حيث سيتم إغلاق الشوارع وإحراق إطارات السيارات، ثم تنطلق التظاهرات المليونية ظهيرة الجمعة في مدن العاصمة المثلثة، الخرطوم، الخرطوم بحري وأمدرمان، يليها اعتصام ليوم واحد».
وأضافت: «ها نحن نعود للشوارع، التي لم نفارقها، ولكننا نخوض جولاتنا الحاسمة لإسقاط السلطة الانقلابية وإخراج العسكر من العملية السياسية تماماً، ومحاكمة كل المسؤولين عن العنف والقتل وإطلاق الرصاص والاغتصاب وكل الانتهاكات تجاه الثوار السلميين والمواطنين الأبرياء المتضررين في محيط المواكب السلمية الرافضة للانقلاب».
وتابعت: « إننا نخرج في مواكبنا، يوم 3 يونيو /حزيران، في ذكرى مجزرة فض اعتصام القيادة متحدين وموحدين من أجل تحقيق مصالح الشعب السوداني التواق للتغيير وبناء دولة المواطنة وسيادة حكم القانون والمؤسسات» مؤكدة أنها «ستعمل على رصد وتوثيق اي انتهاكات أو عنف أو جرائم تقترفها قوات الانقلاب.
وأكملت: قطار الثورة ماض إلى حيث النصر لا محالة والانقلاب ساقط بقرار شعبنا الآمر الناهي».
وجددت تمسكها باللآءات الثلاث « لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية» مؤكدة أنها لن تنخرط في أي محادثات مباشرة أو غير مباشر مع قادة الانقلاب.
المتحدث باسم لجان مقاومة مدينة الخرطوم، حسام علي، قال لـ«القدس العربي» إن قادة الانقلاب بعدما ادركوا أن السودانيين لن يحول القمع المفرط بينهم وبين تحقيق أهدافهم، حاولوا المناورة بإعلان رفع حالة الطوارئ، مشددا على أن هذه الخطوة كانت نتيجة للضغط الشعبي.
وأضاف: القمع المفرط ما زال مستمرا، ونحن مستمرون في المقاومة حتى تحقيق أهداف الثورة السودانية.
وفي وقت تتمسك لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين، برفض الانخراط في المحادثات التي تيسرها الآلية الثلاثية المشتركة، قالت المتحدثة باسم المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» في تصريح مقتضب لصحيفة «التغيير» الإلكترونية، إنهم لن يشاركوا في الحوار المزمع عقده الأسبوع المقبل.
إلا أن مصادر مطلعة في «الحرية والتغيير» أكدت لـ«القدس العربي» أن المشاورات بين مكونات «الحرية والتغيير» ما زالت جارية لاتخاذ قرار موحد بخصوص المشاركة في المحادثات المباشرة التي أعلنت عنها الآلية الثلاثية الأسبوع المقبل، حيث يرى بعض مكونات «الحرية والتغيير» أنها قادرة على دفع العسكر على إنهاء الانقلاب واستعادة الانتقال الديمقراطي عبر المفاوضات بينما تتحفظ قوى أخرى.
وينتظر أن يعلن المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» عن رؤية مفصلة للعملية السياسية خلال الساعات المقبلة.

شروط

ووضعت «الحرية والتغيير» عددا من الشروط لتهيئة المناخ للعملية السياسية، تشمل إطلاق سراح جميع المعتقلين وإنهاء حالة الطوارئ ووقف كافة أشكال العنف تجاه المدنيين في دارفور وكافة أقاليم البلاد وفي مواجهة المتظاهرين السلميين وتجميد تنفيذ قرارات إعادة منسوبي نظام الإنقاذ والأصول المستردة منهم.
والأحد الماضي أعلن القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين، إلا أن نحو 70 معتقلا لا يزالون في سجون السلطات السودانية، حسب مجموعة «محامو الطوارئ» الناشطة في تقديم العون القانوني للمعتقلين.
المجموعة قالت، في بيان، إن «السلطات على الرغم من إعلانها إلغاء حالة الطوارئ بالبلاد منذ عدة أيام في محاولة لخداع الرأي العام وإسكات الشارع، لا يزال (70) معتقلا محتجزين داخل سجون سوبا والهدى والنيل الأبيض، بالإضافة إلى معتقلين آخرين، غير معلومي العدد تتحفظ عليهم في مقرات التحقيقات الجنائية والشرطة الفيدرالية» منددة بـ«اعتقال الأطفال واستمرار القمع العنيف للتظاهرات».
وشددت على أن مصداقية السلطات السودانية لأمام محك حقيقي في وقت لا يزال تقييد الحريات العامة».
كما قال محامو دارفور إن «السلطات في ظل حالة الطوارئ مارست كافة أشكال انتهاكات حقوق الإنسان، والتي تضمنت الاعتقال الجائر والتعذيب والقتل الجزافي وما زالت مستمرة في ممارسة الانتهاكات الجسيمة ذاتها». وطالبت بفتح تحقيقات حول كل الانتهاكات ومحاسبة جميع المتورطين.
والأربعاء، اجتمعت الآلية الثلاثية المشتركة مع اللجنة الرباعية العسكرية.

قوى معارضة تتحفظ على التفاوض مع العسكر… و«الحرية والتغيير» لم تحسم قرارها

وأفادت في بيان بأن الاجتماع تداول حول القضايا ذات الصلة بالمحادثات المباشرة بين الأطراف السودانية، أصحاب المصلحة والمرتقبة في بحر الأسبوع المقبل.
وأكدت أن المحادثات تسعى لاستعادة الحكم الدستوري وتلبية تطلعات الشعب السوداني في التحول الديمقراطي المدني وبناء السودان الجديد.
ودعت الآلية السلطات في الذكرى الثالثة لفض اعتصام القيادة إلى احترام وحماية الحق في التجمع السلمي والامتناع عن الاستخدام غير المبرر للعنف ضد المتظاهرين السلميين، وبما من شأنه تعزيز البيئة المواتية للعملية السياسية في السودان.
وقدمت اللجنة العسكرية خلال لقائها بالآلية، رؤية، تمسكت خلالها بالولاية على جميع المؤسسات العسكرية للجيش والدعم السريع بالإضافة إلى جهازي الأمن والشرطة.
كذلك نصت على أن ملفات العلاقات الخارجية لن تترك للجهاز التنفيذي، وأن البنك المركزي سيكون تحت وصاية العسكريين، حسب تقارير صحافية محلية.
وبدأت الآلية الثلاثية منتصف مايو/أيار الماضي، تيسير محادثات غير مباشرة بين الأطراف السودانية لاستعادة الانتقال الديمقراطي في البلاد، سبقتها عملية سياسية أطلقتها «يونيتامس» مطلع العام الجاري، قبل أن تعلن لاحقا توحيد جهودها مع الاتحاد الأفريقي و«إيغاد».
ومنتصف مايو/ أيار، أعلنت الآلية مفاوضات غير مباشرة، مع الأطراف السودانية، رفضت معظم القوى المعارضة المشاركة في اجتماعاتها.
والتقت الآلية بالعسكر، لأول مرة في إطار المحادثات غير المباشرة، بالتزامن مع وصول آلاف المتظاهرين المطالبين بإسقاط الانقلاب إلى مشارف القصر الرئاسي وسط الخرطوم، الخميس قبل الماضي.
وطالب العسكر خلال اللقاء، باستعجال المحادثات المباشرة وتحديد إطار زمني محدد لها.
وقال إعلام المجلس السيادي في بيان وقتها، إن اجتماعا مشتركا، ضم نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو «حميدتي» وعضوي المجلس، شمس الدين كباشي وإبراهيم جابر إبراهيم، والآلية الثلاثية الميسرة للحوار السوداني، ممثلة بممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، رئيس بعثة يونيتامس، فولكر بيرتس، ورئيس البعثة الأممية المتكاملة للمساعدة في الانتقال في السودان، (يونيتامس) ومبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد الحسن ولد لبات، ومبعوث «الإيغاد» إسماعيل أويس، وممثل الاتحاد الأفريقي في الخرطوم السفير محمد بلعيش.
وتداول المجتمعون، حسب البيان، أفكارا بخصوص العرض الذي قدمته الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد، بشأن مقاربتها لعملية الحوار الذي تقوم بتسهيله بين الأطراف السودانية للتوصل إلى توافق لإدارة الفترة الانتقالية.
وأوضح عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر، أن الاجتماع «ناقش ضرورة تعجيل بداية الحوار المباشر والفراغ منه خلال فترة زمنية محددة» وأكد «دعمهم لعمل الآلية الثلاثية في تسهيل الحوار بين الأطراف السودانية».
وأشار إلى أن الاجتماع يأتي ضمن عملية التشاور المستمرة بين الجانبين، وفي إطار عملية تسهيل الحوار السوداني، للتوصل إلى اتفاق لإدارة الفترة الانتقالية.
كما قال مبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد الحسن ولد لبات، إن الآلية أكدت خلال الاجتماع جاهزيتها للإسراع بالعملية السياسية، وقدمت رؤية مفصلة لمقاربتها لعملية الحوار السياسي السوداني الذي تقوم فيه بدور الميسر، وفق بيان للمجلس السيادي، حول مجريات اللقاء بين الآلية والعسكريين.
وأضاف ولد لبات «أن الآلية أجرت حواراً صريحاً مع أعضاء المجلس، أكدت خلاله جاهزيتها لتسريع العملية السياسية، وأنها حثت الجهات المسؤولة على ضرورة اتخاذ الإجراءات المشجعة لعقد الحوار، خاصة إطلاق سراح من تبقى من المعتقلين السياسيين، ومنسوبي لجان المقاومة».
ووفق المحلل السياسي ماجد محمد علي لـ«القدس العربي» فإن المفاوضات المباشرة، في ظل الهزيمة التي تعرض لها الانقلاب، واستمرار مواجهته في الشارع والضغوط الدولية، قد تحقق هدف استعادة المسار الديمقراطي وفق صيغة ما، لكنها لا تضمن تماما تحقيق مطالب الشارع المتمثلة في خروج كامل للعسكريين من السلطة وتحقيق العدالة.

عقبات

وتوقع أن تواجه هذه المفاوضات عقبات على جبهات متعددة؛ الأولى مع العسكريين في ظل مواقف وتصريحات تكشف عن تمسكهم بسلطات كبيرة على ملفات السياسة الخارجية والأمن والاقتصاد، وحرصهم على عدم التطرق لملف العدالة في أي مفاوضات.
ومن العقبات التي ستواجه هذه الجولة المباشرة، وقد تهدد بنسفها، حسب علي، رفع وتيرة القمع ضد الحراك في الشارع، وتواصل الاعتقالات ومنع النشاطات الاحتجاجية السلمية بجانب التضييق على المجتمع المدني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى