آراء

لا تشتروا أوهام الجنجويد.. فدولة 56 هي التي أوجدتهم!!

عبدالغني بريش فيوف

شخصيا، مع تفكيك دولة 56 التي اورثها المستعمر لمن كان يقوم بدور “القوّاد”، وذلك للحفاظ على ارثه الاستعماري في السودان.

عفواً.. أما كلمة “القِوادة” المذكورة اعلاه، فهي الخِسَّة ودناءة النفس. والقِوادة المقصودة هنا، لطالما لها أنواع، هي القوادة السياسية التي تعتبر من أبشع أنواعها على الإطلاق، لضررها الجسيم على الشعب.

 نعم، لابد من تفكيك دولة بقايا (المستعمر) التي تعتاش وتقتات من آلام الشعوب السودانية حتى الآن، وهي تتشبث ببقاء هذه الدولة الجرثومة حتى آخر نفس.. لكن تفكيك هذه الدولة الطّفيلية، يفترض ان يكون بشرف وبأخلاق وبمبادئ وأهداف واضحة، لا بشعارات وهمية تطلقها ميليشيا الجنجويد، التي كانت حتى يوم 15 ابريل 2023، جزءا من هذه الدولة التي تحولت إلى ماخور سطت عصابتها على السلطة لتديرها بما تملكه من مهارات وخبرات القوادة على مدار ما يزيد على ستين عاماً.

إن أخطر ما يقوم به بائعي الأوهام والأحلام، هو غزو عُقول الناس البسطاء، ومحاولة تشكيل عُقولهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، بِبيع الأوهام والتضليل والكذب، وفصل هؤلاء الناس عن الواقع الأليم الذي يُمثل احتجاجاتهم ومطالباتهم، وهذه واحدة من درجات ما يمكن تسمِيتهُ بغسيل المُخ الجمعي، أو تزييف الوعي لدى المغرر بهم، فيتراكم التضليل وبيع الأوهام.

في سوداننا الحبيب، كثيرة هي السبل والوسائل التي تُباع بها الأحلام والأوهام للمواطن البسيط، فكم من حلم ووهم باعهُ سياسيو الغفلة للناس مُنذ ثورة ديسمبر 2018م، حتى أصبح بيع الوهم مثل اللعبة التي يدمنها الأطفال، وأصبحت من لوازمهُم، وصار هؤلاء الساسة، يملئون الدنيا بشعارات رنانة جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع، ويسبحُون بِخيالِهم مُمنِين أنفسهُم بغدٍ أفضل وعيش أرغد، وفجأة تتبخر هذه الأحلام والأوهام، لان حبل الأوهام والأكاذيب، قصيرة جدا.

إنهم يُقدمون مبررات منطقية لقرارات غير منطقية، ويروجون للفشل على انه نجاح، والهزائم على أنها انتصارات، مستغلين ضعف الثقافة السياسية للناس وتدنى مستوى تعليمهم من أجل تسويق الوهم.

عزيزي القارئ..

ميليشيا الجنجويد (الدعم السريع)، التي دخلت على خط سوق بيع الأوهام والخزعبلات، بعد ان فشل في الاستيلاء على السلطة بالقوة في 15 ابريل 2023م، لا يمكنها على الاطلاق ان يقنع سودانياً واحداً، بوهّم محاربة دولة 56، وذلك:

1/قوات الدعم السريع (الجنجويد)، لم تكن حركة ثورية نضالية تقاتل باهداف وطنية، بل ميليشيا قبلية، أنشاتها دولة 56 نفسها، متمثلة في نظام (الكيزان).

2/الغرض من انشاء هذه الميليشيا القبلية في الأساس، هو لقتل أبناء الحركات المسلحة في دارفور -أي أبناء قبائل “الزُرقة”، وميليشيا بهذا التأريخ من الخزي والعار، لا يمكنها اقناع الآخرين بانها تحارب دولة 56 التي قدمت لها كل شيء.

3/اصطدام هذه الميليشيا مع جيش البرهان يوم 15 ابريل 2023م، هو السبب المباشر للشعارات الجوفاء التي تطلقها هذه الميليشيا، لدغدغة مشاعر البسطاء من القوم.

4/في الوقت الذي ترفع ميليشيا الجنجويد، شعار (محاربة دولة 56)، تستمر في ابادتها لقبائل المساليت والأرنقا والفور والبرتي وولخ.

5/شعار محاربة دولة 56، ما هو إلا متاجرة بالعواطف والشعبوية.

6/موقف ميليشيا آل دقلو، لم يفاجئ الذين يدركون حقيقة أن هذه الميليشيا القبلية ممولة من (المركز) لخدمة أهداف دولة 56، ولا علاقة لها بمصالح الشعوب السودانية وحقوقها، وليست حركة نضال مسلح، ولا حزبا سياسيا ضمن منظومة نظام ديموقراطي، بل هي ميليشيا قبلية عسكرية انشئت خصيصا للدفاع والحفاظ على دولة 56.

7/المتاجرة بشعار محاربة دولة (56)، تعبّر عن مدى وهن وضعف حجة وخبث الجنجويد بتزويرهم للحقائق. فقد عملوا على تعويض ضعف حجتهم وعدم قدرتهم على الاقناع باستخدام هذا الشعار ليؤثّروا في الرأي العام الهامشي المتطلع لتفكيك هذه الدولة. لكن يظهر أن الرأي العام الهامشي، أصبح أكثر وعياً وأعمق فهماً، لأنه أدرك أن عدوه الحقيقي، هو ميليشيا الجنجويد التي تعدت على كل مبادئ وقيم كل السودانيين وشوهت صورتهم.

 نعم، الرأي العام السوداني، أدرك خلال السنوات القليلة الماضية، بأنه أصبح أكثر وعياً وأقدر على الحكم بنفسه بما يملكه من وسائل متقدمة يستطيع من خلالها التفريق بين من يعملُون على تدمير الناس وإستحمارهُم من خلال تراكم التضليل والكذب وبيع الأوهام، وبين من يعملون على بناء السودان الوطن، باهداف وافكار واقعية، بعيداً عن الأوهام والتزييف.

التأريخ الدموي والارهابي والاجرامي وغير الانساني لهذه الميليشيا، لا يمكن للسودانيين نسيانه بمجرد انها رفعت في وقت (الزنقة) شعار تفكيك واقتلاع دولة 56، فمثل هذا النوع من التكتيك، لم يجدي نفعا بعد ان اشعلت الميليشيا، حرب 15 ابريل، لينكشف زيفها وخداعها، ولم يعد من يتبنى أراءها وأكاذيبها، سوى من يقوم بأمر الدعاية لها من ابواق إلكترونية تابعة لها تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي.

الخلاصة عزيزي القارئ، هي ان شعار محاربة دولة 56 الذي ترفعه ميليشيا “الكيزان” الجنجويدية، مآله الإفلاس والفشل، نسبة لوعي الرأي العام السوداني بتأريخ هذه الميليشيا الاجرامية الارهابية العابرة للحدود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى