أخبار

السودان: قيادات عشائرية تنحاز لـ«الدعم»… والجيش يفتح معسكراته لتجنيد المواطنين

الخرطوم ـ «القدس العربي»: في تطور ينذر بتصاعد الصراع في السودان، أعلن عدد من القيادات العشائرية في إقليم دارفور، غرب البلاد، دعم «الدعم السريع» داعية أبناءها من منسوبي الجيش إلى الانحياز إلى القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» في حين دعا رئيس المجلس السيادي، عبد الفتاح البرهان، الشباب، وكل من يستطيع حمل السلاح، الى الانضمام للجيش.
وقال المكتب التنفيذي للإدارات الأهلية، في جنوب دارفور، في بيان مصور، أمس إن الوضع الذي تمر به البلاد يحتم عليهم تحديد موقفهم، متهمين النظام السابق باستغلال الجيش من أجل العودة إلى السلطة.
وأشار إلى أن «أبناء تلك العشائر من الجانبين يموتون من أجل الفلول الذين يحاولون العودة عبر جنرالات الجيش التي زجت بالجيش في حرب ليس لها أساس» حسب البيان.
ورأى أن دعمه للدعم السريع هو «تحقيق لإرادة الشعب وتطلعه للحكم المدني الديمقراطي» مؤكدا أن «انحياز منسوبي الجيش إلى الدعم سيكون من أجل المواطنين السودانيين».
ودعا الطرفين لـ«مواصلة التفاوض» مؤكدا إدانته قصف المدنيين العزل بالطيران والمدفعية الثقيلة والمؤسسات والمستشفيات.
وحسب البيان، فإن قادة سبع قبائل، أعلنوا انحيازها للدعم، وهي الرزيقات والمسيرية والبني هلبة والتعايشة والترجم والفلاتة والهبانية.

«تأجيج الأزمة»

في الموازاة، استنكر تجمع شباب قبائل الفلاتة، البيان، واعتبره «تأجيجا للأزمة» لافتا إلى أنه «سيحدث شرخا كبيرا بين أبناء القبيلة، وأن موقف الناظر لا يمثل قبيلتهم ولا مواقفها في الصدد». ووصف قوات الدعم بـ«المتمردة» متهما إياها بتنفيذ انتهاكات واسعة ضد المواطنين.
وطالب بوقف الحرب ودمج الدعم في المؤسسة العسكرية ومحاسبة قادتها على زج البلاد في أتون الحرب.
ودعا أبناء القبيلة المجندين في الدعم إلى «الانسحاب الفوري والانحياز للقوات المسلحة التي تمثل الشرعية في الدولة السودانية».
وطالب كذلك بـ«عزل الناظر محمد الفاتح لمساندته الدعم السريع» معتبرا ما فعله منافيا لسلوك القيادة الرشيدة.
وأكد دعم شباب القبيلة ومساندتها للقوات المسلحة، معتبرا ما تقوم به قتالا من أجل وحدة الوطن وتماسكه.
تأتي دعوات قادة القبائل الموالية للدعم السريع، بالتزامن مع فتح الجيش الباب لتجنيد المدنيين في صفوفه.
وقال المتحدث باسم الجيش، نبيل عبد الله، إن قيادات المناطق وفرق الجيش تلقت تعليمات باستقبال وتجهيز المقاتلين، داعيا المواطنين للتطوع في صفوف الجيش والتوجه إلى أقرب قيادة أو وحدة عسكرية.
وأشار إلى أن تلك التوجيهات تأتي إنفاذا لنداء البرهان للشباب وكل من يستطيع حمل السلاح بالانضمام للجيش.
وبعد 80 يوماً منذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/ نيسان الماضي، تمضي البلاد بشكل متسارع نحو الفوضى والانهيار، في ظل تصاعد نذر الحرب الأهلية، فيما لا تزال المواجهات العسكرية مستمرة من دون تحقيق نصر حاسم.

«مرحلة حرجة»

كما حذر حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، من دخول الحرب في السودان «مرحلة حرجة تهدد وحدة البلاد» مشيرا إلى «تضاؤل فرص نجاح المبادرات الإقليمية والدولية».
ودعا في تغريدة على حسابه في «تويتر» إلى «مبادرة وطنية للمصالحة لتكون مدخلاً لوقف إطلاق النار» مؤكدا استعداده للتواصل مع الطرفين.
وطالب المجتمع الإقليمي والدولي بمساندة المبادرات الوطنية لحل الأزمة الراهنة في البلاد.
وانتقد المتحدث باسم حركة جيش «تحرير السودان» محمد عبد الرحمن الناير في حديثه لـ«القدس العربي» المواقف المنحازة لأحد طرفي الصراع، معتبراً أنها تأتي وسط حالة استقطاب حاد عرقياً وجغرافياً، ودعوات تسليح للمواطنين.

تحذير من حرب أهلية وإقليمية تؤججها حالات الاستقطاب العرقي والجهوي

وقال إن «هذه الدعوات غير المدروسة جربها السودانيون منذ عشرات السنوات وكان حصادها تفشي ظاهرة القتل وعمليات السلب والنهب وعسكرة المجتمع وتمليشه، وتفشي العنصرية التي تُمارس قولاً وفعلاً، والبطش بالمواطنين والتنكيل بهم على أُسس قبيلة وعرقية وجهوية».
ولفت إلى «نذر تدخل أطراف خارجية في الصراع الدائر في البلاد وفشل مبادرات حل الأزمة، بينما تمضي الحرب في السودان نحو إكمال شهرها الثالث» متوقعا أنها ستكون مقدمة لحرب أهلية وإقليمية شاملة، تؤججها حالات الاستقطاب العرقي والجهوي والإقليمي والدولي، وتفشي خطاب الكراهية والعنصرية والمناطقية.
وحذر من أن السودان يمر بأصعب امتحان في تاريخه، داعيا جميع السودانيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والعرقية والجغرافية، إلى توخي أقصى درجات الحذر في التعاطي مع رمال هذه الحرب المتحركة، والتعامل مع التعقيدات بواقعية وعقلانية بعيداً عن العواطف والانحيازات الضيقة.
والشهر الماضي تصاعدت المعارك في إقليم دارفور على نحو مروع، في ظل تحول القتال إلى نزاع ذي طابع قبلي، أودى بحياة والي غرب دارفور خميس أبكر، وأكثر من 1000 شخص، حسب إحصاءات حكومة إقليم دارفور. فيما قالت قبائل المساليت إن عدد الضحايا تجاوز 5000.
وشهدت الأشهر الأخيرة قبل إندلاع الحرب دعوات عديدة لتكون جيوشا ذات طابع عشائري، في مناطق لم تشهد حروبا أو نزاعات، شمال ووسط البلاد، دعا بعضها إلى الانفصال، وأخرى قادت خطابا رافضا لاتفاق السلام، واعتبرت اتفاقات تقسيم الثروة والسلطة التي نص عليها تؤسس لتمكين قبائل دون غيرها. ومع تصاعد خطاب الكراهية والتحشيد القبلي، اندلعت حرب الجيش والدعم السريع، منتصف أبريل/ نيسان الماضي، والتي يبدو أنها تمضي نحو تجييش المدنيين، الأمر الذي قد يقود البلاد نحو الانهيار.
والأحد دعت ممثلة منظمة اليونيسف، مانديب أوبراين، عبر حسابها على تويتر إلى «توسيع نطاق توزيع الأغذية العلاجية وعمل مجموعات الرعاية الصحية الأولية لعلاج الأطفال المصابين والمرضى في غرب دارفور».
وأرجعت المسؤولة في المنظمة الأممية ذلك إلى «فرار آلاف العائلات بأطفالها من العنف في غرب دارفور».
ولجأ أكثر من 600 ألف سوداني إلى دول مجاورة، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة، وخصوصاً إلى مصر شمالاً وتشاد غرباً.
واستقبلت تشاد الحدودية مع إقليم دارفور آلاف الفارين من الإقليم الذي توازي مساحته ربع مساحة السودان.
وكانت منظمة أطباء بلا حدود قد حذّرت الأحد من أنّ ولاية النيل الأبيض الواقعة جنوبي الخرطوم، باتت تستقبل «أعداداً متزايدة» من النازحين.
وكتبت المنظمة عبر تويتر أن «تسعة مخيّمات تستضيف مئات آلاف الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال» محذّرة من أنّ «الوضع حرج» في ظلّ الاشتباه في حالات حصبة وسوء تغذية لدى الأطفال.
وحتى قبل اندلاع الحرب، كان السودان يعدّ من أكثر دول العالم فقراً. ويحتاج 25 مليون شخص في السودان، أي أكثر من نصف عدد السكان، لمساعدة إنسانية وحماية، حسب الأمم المتحدة.
وفي 3 يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت الوساطة الأمريكية السعودية تعليق مباحثات غير مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في مدينة جدة بسبب عدم التزام الجانبين باتفاقات وقف إطلاق النار وحماية المدنيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى