أخبار

جناح في مجلس قبلي سيغلق شرق السودان يوم توقيع التسوية السياسية

الخرطوم ـ «القدس العربي» :

أعلن مجلس نظارات البجا، جناح الناظر محمد الأمين ترك، الإغلاق الشامل لإقليم شرق السودان، تزامناً مع الموعد المحدد لتوقيع الاتفاق السياسي بين القوى المدنية والعسكرية، في الأول من أبريل/نيسان المقبل.
ووفق بيان للمجلس «الإغلاق سيكون ليوم واحد ويأتي في سبيل الرفض للعملية السياسية وعدم وضعها حلا لقضايا شرق السودان».
وزاد: «نهيب بجميع جماهير شعبنا بكل محليات الشرق إيقاف العمل في هذا اليوم، ونؤكد أننا ضد أي عملية سياسية أو جدول زمني لتكوين حكومة يرفضها 90٪ من الشعب السوداني».
وطالب القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والشرطة وجهاز المخابرات العامة بأن «يقفوا على مسافة واحدة من الجميع». وبين أنه أبلغ وكلاء الترحيلات والسفريات بـ «اتخاذ التدابير اللازمة للإغلاق المزمع تنفيذه والذي سيشمل كافة مداخل ومخارج إقليم الشرق».
وكانت القوى المنخرطة في العملية السياسية التي تجري في السودان قد أعلنت التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي في الأول من مطلع الشهر، يعقبه التوقيع على الدستور الانتقالي في السادس من الشهر نفسه، تمهيداً لتشكيل الحكومة في الـ 11 من أبريل/نيسان المقبل.
وقام مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة، عقب عقد مؤتمر «سنكات» الشهير الذي جاء من أجل الضغط على حكومة عبد الله حمدوك (أقيلت سابقا بفعل الانقلاب) بإلغاء اتفاقية مسار شرق السودان، حيث اعتبر أنها «لا تمثل أبناء الإقليم»
وسبق لأنصار الترك أن أغلقوا إقليم الشرق في سبتمبر/أيلول 2021 وشمل الإغلاق آنذاك موانئ البلاد الرئيسة على البحر الأحمر، والطرق القومية الرابطة بين الإقليم والعاصمة، الأمر الذي تسبب بدوره في حالة اختناق اقتصادي هيأت الأوضاع لتنفيذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/ تشرين الأول قبل عامين، لكن شهد بعدها المجلس انشقاقات خطيرة في صفوفه تمثلت في تيارين رئيسين، أول بقيادة ترك وآخر تقوده قيادات محلية أخرى (أوبشار وسيد علي أبو آمنة).

طالب الجيش والدعم السريع بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع

ويتخوف بعض المراقبين من أن يكون هذا الإغلاق الذي أعلن عنه ترك بداية جديدة لمحاولة لعرقلة الانتقال، والتضييق على الحكومة المقبلة، في حين يرى أنصار مجلس البجا أن لهم قضية عادلة ومطالب من المفترض أن تناقش عبر منبر تفاوضي خاص بالإقليم، مع رفضهم التام لما جاء في اتفاقية سلام جوبا، وما خرجت به ورشة قضية شرق السودان التي نظمتها خلال الفترة الماضية قوى الاتفاق الإطاري ضمن أربع قضايا أخرى هي»تفكيك النظام البائد، ومراجعة اتفاق السلام، العدالة والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري» تمهيداً لإضافة توصياتها في الاتفاق السياسي النهائي.
في 23 فبراير/ شباط الماضي، كانت قد نظمت قوى الاتفاق الإطاري ورشة شرق السودان التي امتدت لأربع أيام وبمشاركة أكثر من (400) شخص يمثلون أصحاب المصلحة من المكونات المختلفة لولايات شرق السودان الثلاث، إضافة إلى ولاية الخرطوم، وقدمت خلالها (6) أوراق تم الإعداد لها بطريقة علمية من قبل خبراء وأكاديميين، حسب تصريحات المتحدث باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف، الذي أوضح كذلك أن الورشة ناقشت قضايا السلام والتنمية المستدامة وكيفية إزالة التهميش عن إقليم شرق السودان بالإضافة إلى خريطة تتعامل بها الحكومة الانتقالية المقبلة.
لكن وفي المقابل اعتبر ترك، أن الورشة تكرار لسيناريو اتفاقية جوبا. وقطع بأن المشاركين لم يكونوا ضمن الحشود التي أغلقت الطرق وانتهجت عملية التصعيد الأولى، كما دعا الحكومة إلى ترك أمر الشرق للنظار والعمد والمشايخ. يذكر أن الأصوات الرافضة لورشة قوى الإطاري المتعلقة بشرق السودان لم تقتصر على مجلس نظارات البجا وحده، وإنما تعالت الشكاوى أيضا من قبل الناشطين السياسيين في الإقليم.
ونصت مسودة الاتفاق السياسي النهائي التي ستوقع بالتزامن مع الإغلاق المعلن، في البروتوكول الخاص بقضية شرق السودان، على تسعة محاور رئيسية، هي «المبادئ العامة، القضايا السياسية، قضايا الاقتصاد والتنمية المستدامة، المهددات الأمنية وقضايا الحدود والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، الإدارات الأهلية وقضايا السلم المجتمعي وخطاب الكراهية، قضايا حقوق المرأة في الشرق، قضايا البيئة والمهجرين، وتاسعاً وأخيراً قضايا الزراعة والرعي والصيد».
لم يذكر الاتفاق السياسي النهائي أي سيرة لتنفيذ مسار الشرق في اتفاقية جوبا، لكنه أكد على التزام الحكومة المدنية بإطلاق عملية سياسية جديدة تتوج بإقامة المتلقى السياسي التنموي لأهل شرق السودان وبرعاية ودعم دولي أوسع فور تكوينها، كما أكد على الالتزام بالنظام الفيدرالي، وأن يحظى الإقليم بالتميز الإيجابي للحاق بركب التنمية، فضلاً عن الالتزام بالمشاركة السياسية العادلة لشرق السودان في مستويات الحكم كافة.
وحول الإغلاق المزمع، قال الأمين السياسي لمجلس نظارات البجا، سيد علي أبو أمنة، المجموعة المناوئة لترك، إن «الإغلاق بالطريقة الأولى ذاتها لم يعد وسيلة لخلق حلول لمشكلة الإقليم» مشيراً إلى أنه «بقدر ما كانت هذه الطريقة ثورية وغاضبة لإظهار الرفض والاعتراض، بقدر ما أنها أدت في الماضي إلى تعطيل الحكومة المركزية فعلاً، وتدويل قضية الإقليم بما يخص رفض اتفاقية جوبا وما يتم في الخرطوم حتى الآن لكنها لم تصنع حلاً للقضية».

المشاركة في العملية السياسية

ووفقا له «لم يعد أمام الإقليم الآن إلا أن يجد طريقة ما للمشاركة في العملية السياسية القائمة، وأن تجعل له قوى الإطاري ملحقات خاصة بقضيته أو تعلن قوى الإقليم سلطة مؤقتة تكمل مشوار انتزاع الحقوق بطرق لا تضر باقتصاديات الشرق والسودان عامة».
وفي السياق، قال عضو المكتب السياسي لحركة «حق» في البحر الأحمر، مجدي عبد القيوم إنه «لا خلاف أن للشرق قضية حقيقية، وإنها لم تجد الحل لأسباب عدة من بينها أن من يتولون الملف هم في المركز سواء الرسميين أو السياسيين». وأضاف: «الذين يشرفون على الملف لا يدركون تعقيدات مجتمع شرق السودان لذلك عجزوا عن إنتاج حل ينهي الأزمة».
وزاد: «حقيقة لا أفهم السبب في أن تتولى مجموعة ما ملف قضية لا تعرف تفاصيلها وغير ملمة بأبعادها». واستدرك:»مع ذلك، لا أعتقد أن استخدام كرت الإغلاق سيحدث التأثير السابق نفسه لأسباب ذاتية متصلة بمجلس النظارات وموضوعية لها علاقة بالراهن السياسي وشكل السلطة وسياساتها».

لم يعد الفاعل الأوحد

وبيّن أن مجلس نظارات البجا الآن «لم يعد الفاعل الأوحد في الشرق سواء بسبب انقسامه أو بروز كيانات سياسية من أهل المصلحة تنشط سياسياً في الملف، وبالتالي تم سحب الملف من الإدارة الأهلية، علاوة على أن إغلاق الميناء أو الشرق عموماً في التجربة السابقة ترك آثاراً سالبة على الأوضاع المعيشية نتيجة توقف الميناء، وهذا تسبب في رفض قطاع كبير لتكرار التجربة، كذلك المناخ السياسي الآن مختلف تماماً، ولا أعتقد أنه يسمح بمثل هكذا فعل».
واعتبر أن «ورشة الشرق كموضوعات، عالجت أغلب القضايا، ولكن عدم مشاركة مجموعات مجلس النظارات بشقيه أفسد المسألة، وبالتالي وضع ألغاماً في طريق حل مشكلة الإقليم، وكان من الممكن بذل جهود في سبيل إقناع الرافضين».
وزاد: «لا يمكن أن تأتي بالشخوص أنفسهم الذين ينظر إليهم أهل الشرق كسبب أساسي في خلق الأزمة وتفاقمها ليشرفوا على ملف الأزمة».
ورفض التلميح بأن خطوة الإغلاق تجيء في سياق تخريب الانتقال، مبيناً أن «تلك الفرضية كانت ستصبح سليمة إذا كانت ناتجة عن ثورة مضادة أو جهة أخرى»
وأضاف:»لماذا نوفر ذرائع يمكن ان تستغل لتخريب الانتقال؟ في تقديري أن القائمين على إدارة العملية السياسية يتحملون المسؤولية في ما سيحدث بتجاهلهم لمطالب الإقليم ومحاولة فرض بدائل للقوى المؤثرة في الشرق».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى