أخبار

الشرطة السودانية تمنع المحامين من دخول مقرهم بعد هجوم من أنصار البشير

الخرطوم ـ «القدس العربي»: منعت قوات تابعة للشرطة السودانية، الأربعاء، المحامين من دخول مقر اللجنة التسييرية لنقابتهم، في الخرطوم، وطالبت الموجودين هناك، بالمغادرة، بينما أغلقت الطريق المؤدي للدار من الجهتين، بسيارات ومصفحات عسكرية. جاء ذلك، بعد ليلة طويلة قضاها المحامون تحت الرصاص، إثر هجوم مسلح قامت به مجموعات تابعة للنظام السابق، مساء الثلاثاء على مقر اللجنة، التي نددت بالهجوم، مشيرة إلى أنها «ستتبع الإجراءات القانونية بالخصوص».
وأكدت، في بيان أنها «تابعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي قرارا صادرا من لجنة الاستئناف ضد قرارات إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال بتاريخ الجمعة 28/10/2022، قضى بإلغاء القرار رقم 2019/2 الصادر من لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران 1989 بتاريخ 2019 /12/12 بحل المكتب التنفيذي ومجلس نقابة المحامين السودانيين».
وبينت أنها «لم تتسلم صورة من القرار المذكور من الجهات المختصة حتى الآن، مؤكدة أنها «ستقاومه وتناهضه شكلاً وموضوعاً بكافة الوسائل»، معتبرة أي «قرار من ذلك النوع «غير قانوني»، ويأتي «في إطار سياسي».
وقالت إنها فوجئت، مساء الثلاثاء، بـ«احتشاد بعض أعضاء النقابة المحلولة وبصحبتهم مجموعات بزي مدني مسلحة بالعصي والهراوات والسلاح الناري، واستخدمت القوة الجنائية وإطلاق الأعيرة النارية وعبوات الغاز المسيل للدموع في مواجهة المحامين المتواجدين في الدار، وأتلفت بعض ممتلكات النقابة والمحامين».
واحتشد آلاف السودانيين مساء الثلاثاء، أمام مقر اللجنة، للتضامن مع المحامين، حيث أكدوا على سلمية الحراك الشعبي في السودان، ومنددين بالهجوم المسلح، على المحامين العزل. كما، احتشدت مجموعات مهنية ونقابية في محيط المقر، منذ صبيحة الأربعاء لدعم المحامين، الذين منعت الشرطة دخولهم، إلى مقرهم، منذ منتصف ظهيرة أمس، وأشارت الكوادر الأمنية التي أحاطت بالمبنى إلى أنها تلقت أوامر بمنع الدخول إلى المقر، بينما طلبت من الموجودين في الداخل، الخروج.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، طرحت اللجنة التسييرية للمحامين، مشروع إعلان دستوري، حظي بدعم محلي ودولي واسع، فيما رأت أطراف مدنية وعسكرية إمكانية أن يكون أساسا لعملية سياسية تنهي الأزمة الراهنة في البلاد.
وأعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس، عن قلقه العميق من الهجوم على مقر اللجنة.
وأدان، في بيان، الهجوم و«أي عمل من أعمال العنف لتسوية الخلافات السياسية أو القانونية، مشيرا إلى أن اللجنة، «قامت بدور مهم في الدعوة إلى خطاب شامل في سياق العملية السياسية الحالية».

«إشارة واضحة»

واعتبر الهجوم «إشارة واضحة مرسلة ضد الجهود الجارية للتوصل إلى إجماع مقبول بين القوى السياسية والعسكريين نحو انتقال ديمقراطي حقيقي في السودان، لجهة طرح نقابة المحامين السودانيين مبادرة للعمل على مسودة إطار دستوري تم اعتمادها من قبل العديد من الجهات الفاعلة السودانية، وكان بمثابة أساس للمشاورات بين جميع أصحاب المصلحة».
وأكد أن «يونيتامس ستواصل تيسير جميع المبادرات التي يقودها السودانيون والتي تدعم الانتقال السلمي»، لافتا إلى أنه «مع تدهور الوضع الأمني والإنساني يوما بعد يوم في جميع أنحاء البلاد، أصبح التوصل إلى حل مقبول على نطاق واسع أكثر إلحاحا من أي وقت مضى لصالح جميع السودانيين».

آلاف احتشدوا للتضامن معهم… وتنديد أممي بالاقتحام المسلح

وكذلك، نددت هيئة «محامو دارفور» و«محامو الطوارئ» بالهجوم، وحملوا كل أجهزة الدولة، المسؤولية الكاملة عن سلامة المحامين.
حسب ما قالت المحامية سامية أرقاوي لـ«القدس العربي»: لم تصلنا أي نسخة من القرار المنشور في وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يعتبر مخالفا للقوانين»، مشيرة إلى أنهم «شرعوا في إعداد طعن في القرار، ومدى قانونيته».
وأشارت إلى أن «عناصر نظام الإنقاذ، ونقابتهم المحلولة، اقتحموا المقر مساء الثلاثاء، وقالوا إنهم استعادوا النقابة بموجب قرار من لجنة الاستئناف».
وزادت: «بعد خروج المحامين الموالين للنظام السابق بدقائق، حاصرت مجموعات على متن سيارات، من كوادر العنف التابعة لحزب المؤتمر الوطني المحلول، المقر وبدأت برمي الحجار على المتواجدين، قبل أن يتطور الأمر إلى إلقاء عبوات الغاز المسيل للدموع بكثافة، وبعدها الرصاص، مما اضطر المحامين المحاصرين للاحتماء بالصالة الداخلية».
وأضافت: «أطلقنا بعد محاصرتنا نداءات استغاثة، حيث هب عدد كبير من لجان المقاومة والمواطنين للتضامن معنا. أرسلنا رسالة واضحة لعناصر النظام السابق، أننا سلميون وسنحافظ على سلميتنا»، مشيرة إلى أنهم «كانوا يتعمدون جرنا للاشتباك ويطلقون هتافات دموية وعنيفة».
وواصلت: «كان واضحا، أن ما تم، هو تحريض لإراقة دمائنا، وكان ردنا عليهم سلمية وسيظل كذلك، وسنتبع الأساليب القانونية للرد عليهم، وأنهم قدموا طعنا ضد القرار والمحامين لن يخرجوا من الدار». ولفتت إلى أن «تلك المجموعات سبق وهاجمت الدار عند انعقاد ورشة الإعلان الدستوري».

«فوضوي»

أما المحامية سلوى أبسام، فوصفت المشهد بـ«الفوضوي»، مشيرة إلى أنه «لا يستند إلى قانون، ولصعوبة الوضع في ظل غياب المؤسسات». وقالت إن «محاولة الاستيلاء على النقابات يأتي ضمن مخطط للعودة التدريجية لعناصر النظام السابق ومساعدة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان لهم في إعداد المسرح في البلاد لذلك، حيث جاء قرار تكوين لجنة الاستئناف من قبل المجلس السيادي».
وفي وقت تواصل توافد المحامين إلى المقر، أغلقت الشرطة محيط الدار ومنعت المحامين من الدخول، وقال المحامي بدر بشير لـ«القدس العربي» إن ضابطا برتبة مقدم تابع لهيئة العمليات التابعة للشرطة أخطرهم بتلقيهم أوامر بإخراجهم من الدار، الأمر الذي رفضه المحامون الذين، بينوا أن أي إجراء قانوني لا يمكن تطبيقه قبل أن تستكمل الإجراءات، ويمر بمراحل الاستئناف، ويصدر قرار بتسليم الدار. وأشار إلى أن الضابط أخبرهم بأنهم سيتحملون عواقب بقائهم داخل المبنى، وأن الشرطة لن تستطيع حمايتهم.
واعتبر أنه في حال تكرر الهجوم على المقر فإن الشرطة ستكون هذه المرة جزءا منه إذ تنتشر خارج الدار وتتحدث عن مجموعة قادمة للهجوم على الدار.
المحامية فايزة عبد العزيز التي منعتها الشرطة من دخول مقر النقابة، قالت لـ«القدس العربي» إن «القوات النظامية أغلقت المداخل وأخبرتها، والمحامين الذين كانوا برفقتها، بأنهم تلقوا توجيهات من وزارة الداخلية بمنعهم من الدخول».
وأكدت أنها «ستظل متمسكة بالبقاء أمام المقر وبحقها كمحامية في الدخول».
كذلك أكدت المحاميتان، فيحاء جقدول وزهراء عماد الدين أنهن، أبرزن بطاقاتهن للقوات الموجودة في الخارج، إلا أن هذه القوات، منعتهن من الدخول، في «سلوك غير قانوني»، حسب قولهن، لـ«القدس العربي».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى