آراء

هل من جديد في خطاب فولكر الأخير؟

البروفيسور محمد جلال هاشم

كل ما يمكن أن يقال عن خطاب فولكر بيرتيز في خلاصته الحقيقية هو: نفس الخمر المسمومة، وفي نفس القناني القديمة الملوثة!
فهو، بالمختصر المفيد، يريد:
1) حكومة بقيادة مدنية، ما يعني عمليا بشراكة مع العسكر ومليشيا الجنجويد وباقي مليشيات الجبهة الثورية.
2) يتكلم عن العدالة الانتقالية أكثر من مرة، ويثمّن تجربة السودانيين في هذا الشأن. وهذا يعني، عمليا، تجاوز كل الجرائم المرتكبة من قبل العسكر بجيشهم وبوليسهم وأمنهم، ثم مليشياتهم، من مرتزقة الجنجويد ومليشيات المؤتمر، وأخيرا وليس آخرا، مليشيات اتفاق جوبا (جريمة دار سليبا نموذجا بخصوص الأخيرة). وهذا يعني ألا تكون هناك أي محاسبة لجرائم فض الاعتصامات وجرائم كرينق ومثيلاتها. وطبعا هذا دونه خرطُ القتاد!
3) يتكلم فولكر عن إعفاء الديون ويربطها اشتراطا بتشكيل حكومة شراكة الدم مع المجرمين القتلة، هذا كما لو كان يبتز السودانيين. هذا مع أن إعفاء الديون وفق نظام هيبيك قد تم تطبيقه في الصومال وتم إعفاؤها من ديونها وفق الجدولة، وهي التي انهارت فيها مؤسسة الدولة.
4) بينما يتجاهل فولكر، وبطريقة لا يمكن إلا أن تكون متعمدة، اللاءات الثلاث، نجده يحاول جاهدا صرف القوى السياسية عنها، ذلك بحديثه عن انسداد الأفق السياسي. فلو تعرض لهذا، عندها يلزمه أن يشفع اعترافه بأن ما حدث في 25 أكتوبر هو انقلاب سياسي، بضرورة عدم تشكيل أي حكومة تقوم على شراكة الدم والمجرمين القتلة.
5) إلا أن أخطر ما جاء في خطابه هو ذلك الأمر الذي لم يجرؤ فولكر على ذكره، ألا وهو محورية لجان المقاومة في أي تسوية ممكنة ومحتملة (هنا تصبح الشراكة مع العسكر مرتزقة الجنجويد والمليشيات مجرد خيانة وطنية للشعب وللثورة وللشهداء). هذا التجاهل المتعمد لا يمكن أن يُقرأ إلا في سياق محاولات قحت والعديد من القوى السياسية لتقويض لجان المقاومة (ما حدث في باشدار نموذجا). فالحقيقة هي أن فولكر نفسه سعى، ولا يزال يسعى مثل كل المتداخلين في الشأن السوداني، للقاء لجان المقاومة، اعترافا منها بأنها هي التي تُمسك بأزمّة الشارع الثوري الآن. فلماذا يتجاهلُها فولكر؟ لتقويضها عبر تجاوزها، بالضبط كما حاولت قحت أن تفعل في باشدار.
***
فماذا نفعل،يا سادتي، مع هؤلاء؟ لا شيء! فقط نكرر:
* لا شراكة .. لا شرعية .. لا تفاوض!
هذه هي قرارات الشرعية الثورية التي تمخضت من قلب الشارع. وهي نفسها القرارات التي تمخضت بعد فض الاعتصامات، ولولا النكوص عنها لما كنا في هذا الوضع. وعليه، كل من يخالف هذه القرارات الثورية سيبوء بالخيانة، خيانة الشعب وثورته المجيدة.
فلترفع قوى الإمبريالية العالمية، بغربيّها وشرقيّها، يدَها عن السودان، وتوقف دعمَها (عبر محور الشر الإقليمي المتمثل في مصر والسعودية والإمارات وإسرائيل) للعسكر ومرتزقة مليشيات الجنجويد لترى بعد ذلك كيف سيطيحُ الشعبُ السوداني بدولة الإنقاذ (4)، بالضبط كما أطاح بها في ميع نسخاتها المندحرة، بدءا بالإنقاذ (1)، مرورا بالإنقاذ (2)، وبعدها الإنقاذ (3)، والآن ها هي الإنقاذ (4) تترنح ويعترف سدنتُها وزبانيتُها بفشلهم ويبحثون عن من يُعيدُهم لشراكة الدم الخائنة، فلا يجدون من يُعينُهم بخلاف قحت (المُقحطة)، والعسكر والجنجويد أنفسهم، ثم فولكر بيرتيز بوصفه ممثل قوى الإمبريالية العالمية.
MJH

 

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى