الآلية الأممية الأفريقية وحوار الفشل المحتوم ..
بقلم: عبدالغني بريش فيوف
في يونيو 2020، أصدر مجلس الأمن الدولي، قرارا بإنشاء بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الانتقال في السودان “يونيتامس”، استجابة لطلب حكومة د.عبدالله حمدوك.
إذن، اغلب السودانيون، لا يعترضون على المحاولات التي تقوم بها هذه البعثة في السودان، لإيجاد مخرجا سياسيا للأزمة التي يعيشها السودان منذ الانقلاب المشؤوم الذي قام به البرهان وصحبه حميرتي في 25 أكتوبر 2021. لكن، الاعتراض وكل الاعتراض على دعوة الآلية الأممية الأفريقية، جماعات وجهات لا علاقة لها بثورة ديسمبر للتحاور. حيث جاءت في وسائل الاعلام السودانية، اخبارا تقول بانطلاق يوم الأربعاء 6/8/2022، جلسات الحوار السوداني المباشر، في إطار العملية السياسية التي تسهلها الآلية الأممية الأفريقية، لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، وسط مقاطعة كل قوى الثورة والتغيير.
وقالت مصادر سودانية، إن جلسة الحوار المباشر ستبدأ عند العاشرة من صباح الأربعاء بفندق سلام روتانا بالعاصمة الخرطوم، بمشاركة عدد من القوى السياسية، بينها تحالف قوى الحرية والتغيير – الوفاق الوطني، والمؤتمر الشعبي، ومجموعات تمثل الإدارة الأهلية وأخرى تمثل المجتمع المدني، والمرأة، ومشاركة المكون العسكري الانقلابي، أيضاً عبر لجنة مفوضة منه.
الجدير بالذكر هنا، أن المشاركين في جلسة الحوار المباشر، المنعقد يوم الأربعاء 6/8/2022، هم من المؤيدين لانقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بينما تغيب عن هذه الجلسات كل القوى المناهضة للوضع القائم، وعلى رأسها لجان المقاومة، والحزب الشيوعي، وقوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي.
هذا الحوار الذي ابتدعته الآلية الأممية الأفريقية، لا يمكننا حتى تسميته بحوار الطرشان، لأن حوار الطرشان على الأقل فيه طرفين -الأطرش والأصم. فالأطرش، يسمع قليلا ولا يسمع الكلام كاملا أو واضحا، لذا يسعى إلى تقدير ما لم يسمعه فيأتي رده على الطرف الآخر، ليس من خلال ما قاله الآخر بل استنادا إلى تقدير ما لم يسمعه هو وهكذا يتحول الحوار بينهما إلى حوار عقيم يستحيل فيه الوصول إلى نتيجة. أما حوار السيد فولكر وصديقه ولد لبات، فهو حوار من طرف واحد فقط، وهو الطرف المؤيد للسلطات الانقلابية التي خلقت الأزمة السياسية الحالية، بتمزيق الوثيقة الدستورية واستيلائها على السلطة منفردة.
سيدخل المشاركين إلى حوارهم هذا، كمجموعات ضغط منظمة ومؤثّرة وصاحبة قرار، وسيشكلون تحالفاً قوياً، قادراً على تأييد البرهان وجنجويده، رغم الكوارث والأزمات التي تعصف بالبلاد داخليا وخارجيا جراء هذا الانقلاب.
نعم، سيجتمع أصحاب البطون والكروش، وكبار المضاربين وتجار الدين وولخ.. كطرف واحد، لا يقابله أي طرف آخر، إذ إن هدف هذه المجموعات واضح، وهو تثيبت الانقلابيين في السلطة، وليس هناك شك على هذا الهدف. أمّا دعوة الآلية الأممية والأفريقية، لقوى الثورة ولجان المقاومة لتمثل الطرف الآخر، فهي تثير السخرية والضحك.
المطلوب أولا وأخيرا من الآلية الثلاثية، هو، اجبار الانقلابيين على تسليم السلطة اليوم قبل غد، لقوى الثورة والمقاومة. وهذه القوى هي التي ستدعو بعد تشكيل الحكومة المدنية، الأطراف السياسية المختلفة للحوار الوطني الشامل، لوضع الحلول الجذرية للأزمة السودانية.
يجب على الآلية الثلاثية، ان تفهم ان أزمة السودان اليوم، هي الانقلاب والانقلابيين الذين سطوا على سلطة الشعب، وما لم تحل هذه الأزمة -أي ما لم يرحل الانقلابيين عن السلطة فورا، فإن الآلية الأممية تهدر وقتها، ذلك ان قوى الثورة التي اسقطت اعتى ديكتاتورية في أفريقيا، لا يمكنها ان تتنازل عن اللاءات الثلاث “لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية”..
ليتحاور الانقلابيين مع أنفسهم.. وليقرروا ما يريدون. لكن الثابت والمؤكد، هو أن التظاهرات الشعبية السلمية المنادية بإسقاط الانقلاب، ستستمر دون توقف حتى تحقيق هدفها النهائي.