ملفات وتقارير

السودان: لجان المقاومة دعت لمليونية مزيفة لـ«خداع السلطة»

الخرطوم ـ «القدس العربي»:

قبل ساعات قليلة على انطلاقها، أعلنت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم، الإثنين، إلغاء تظاهرة مليونية، كانت متوجهة نحو القصر الرئاسي وسط العاصمة السودانية الخرطوم، للمطالبة بإسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين، لكن اللجان دعت لتظاهرات مليونية جديدة الخميس المقبل.
وأوضحت أن الغرض من الإلغاء المفاجئ للتظاهرة المعلنة هو إرباك تحركات سلطة الانقلاب وتشتيت وإفشال مخططاتها الرامية لوقف الحراك الثوري.
واعتادت السلطات السودانية على إغلاق الطرق والجسور، ورفع الاستعدادات الأمنية ونشر القوات العسكرية، خاصة في وسط الخرطوم، بالتزامن مع التظاهرات المعلنة.
وبينت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم، أنها تستخدم عنصر المفاجأة بشكل أساسي عند القيام بنشاط ثوري غير معلن أو إلغاء نشاط آخر بعد الإعلان عنه.
وقالت في بيان، الإثنين: «بعد أن قامت السلطات بأخذ احتياطاتها تحسباً لقيام مليونية الإثنين، نعلن لكم وللسلطة الانقلابية، أنها كانت مليونية مزيفة الغرض منها خداع السلطة واستهلاك طاقتها، وقد أدت مهمتها وأوصلت رسالتها كاملة».
وعقب انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وزيادة القبضة الأمنية، انتهجت لجان المقاومة أساليب جديدة خلال التظاهرات، بينها تغيير المسارات المعلنة ووجهة التظاهرات والإلغاء والإعلان المفاجئ للتظاهرات.
وفي مليونية الخميس الماضي، أعلنت تنسيقيات لجان المقاومة عن نقاط تجمع جديدة، قبل أقل من ساعة على انطلاق التظاهرات، بعد حشد الأجهزة الأمنية لقواتها في النقاط المعلنة مسبقاً.
ولاحقاً، نجح الآلاف من المتظاهرين في الوصول للنقاط الجديدة والتوجه نحو الوجهة المعلنة للتظاهرات، القصر الرئاسي وسط الخرطوم.
وترفع تنسيقيات لجان المقاومة شعار «لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية» مؤكدة أنها لن تكون طرفاً في أي حوار مع قادة الانقلاب وستعمل على إسقاطه عبر التصعيد والمقاومة الشعبية السلمية.

ميثاق سلطة الشعب

ووقعت لجان المقاومة في الخرطوم، الأربعاء الماضي، ميثاق سلطة الشعب الذي نص على إخراج العسكر من العملية السياسية وهيكلة قوات الأمن وتشكيل حكومة ثورية من التكنوقراط الوطنيين والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والخبرة، وتكوين مجلس أعلى لقيادة قوات الشعب المسلحة يتكون من «الضباط الشرفاء المفصولين تعسفيًا» ومن قدامى المحاربين، وأن يكونوا مؤمنين بمدنية الدولة.
والأحد، التقى ممثلو عدد من تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم بالآلية الثلاثية المشتركة لبعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي و(إيغاد).
وفي وقت قالت الآلية إن الاجتماع كان في إطار جولة المحادثات السودانية – السودانية غير المباشرة، أكدت لجان مقاومة الخرطوم، أن الاجتماع لم يكن ضمن برنامج المحادثات، وإنما تلبية لدعوة الآلية الثلاثية لمناقشة تطورات الأوضاع السياسية في البلاد والإجابة على تساؤلات لجان المقاومة حول عمل الآلية، فضلاً عن استعراض الميثاق السياسي للجان المقاومة.
وحضرت اللقاء لجان أحياء بحري، تجمع لجان أحياء الحاج يوسف، تنسيقية شرق النيل جنوب، تنسيقية لجان مقاومة أمدرمان القديمة، تنسيقية لجان مقاومة أمدرمان جنوب، تنسيقية لجان مقاومة جنوب الحزام، بينما تحفظت بقية لجان المقاومة في العاصمة على المشاركة.
وقالت في تصريح صحافي مشترك، إنها التقت الأحد الآلية الثلاثية، ونقلت لها موقفها الواضح من العملية السياسية والمستند على ميثاق تأسيس سلطة الشعب، مشيرة إلى أنها شرحت الميثاق بصورة تفصيلية لمناديب الآلية الثلاثية. وأكدت على تمسكها بشعارات الثورة وأهدافها السامية «وموقفنا المبدئي من العملية السياسية المزمع عقدها واللاءات الثلاث «لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية» مع السلطة الإنقلابية».

لحان المقاومة اجتمعت بالآلية الثلاثية للمرة الأولى وتمسكت باللاءات الثلاث

وشددت على أن لقاءها مع الآلية تم بموافقة قواعد لجان المقاومة، وأنه يمثل موقف تنسيقيات لجان المقاومة المستقل، ولا يتأثر بأي مزايدات سياسية ومحاولة لصنع سياقات موازية تؤثر على تعاطي اللجان مع المشهد الوطني.
وقالت إنها ترفض أي تسوية مع قادة الانقلاب، وأنها ستواصل المقاومة حتى إسقاطهم وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي يطمح إليها السودانيون، وتحقيق القصاص العادل لضحايا الانقلاب والثورة السودانية.
وقتل منذ انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حسب لجنة أطباء السودان المركزية، 95 متظاهرا، بينما أصيب قرابة 5000 آخرين.

تضارب تصريحات

ولم يكن التضارب في تصريحات الآلية الثلاثية ولجان مقاومة الخرطوم الأول من نوعه، فقد أعلنت الآلية الخميس الماضي أنها التقت المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» في إطار جولة المحادثات السودانية – السودانية غير المباشرة، الأمر الذي نفاه مركزي «الحرية والتغيير» مؤكدا أن اللقاء كان لاستعراض شروط ورؤية «الحرية والتغيير» لشكل وأهداف العملية السياسية المطلوبة في السودان، مؤكدا أن الهدف من المحادثات يجب أن يكون إنهاء الانقلاب.
وفي وقت لم تحسم «الحرية والتغيير» موقفها من المشاركة في المحادثات، أعلن الحزب الشيوعي السوداني رفضه لدعوة الآلية الثلاثية.
وقال في بيان، إنه يرفض الدعوة للاجتماع بالآلية لعدم وجود سبب جديد للاجتماع بها، بعدما أوضح في اجتماع سابق موقفه من جهود الآلية للتفاوض المباشر بين القوى السياسية والانقلاب العسكري وقوى سياسية كانت شريكة لحزب المؤتمر الوطني المحلول حتى إسقاطه في 11 أبريل/ نيسان 2019.
واعتبر الدعوة جزءا من خطة الآلية للتفاوض غير المباشر بعد أن فشلت جهودها للتفاوض المباشر، مؤكدا تمسكه بعدم التفاوض مع قادة الانقلاب ومع حزب المؤتمر الوطني المحلول وحلفائه.
وأضاف: إننا ما زلنا نرى خطأً في تعامل الآلية الثلاثية مع القضية السودانية التي تتعامل معها كأزمة بين القوى السياسية والعسكر وينبغي حلها بالتفاوض وليس كثورة شعبية مستمرة تهدف للإطاحة بالسلطة الانقلابية وإقامة دولة مدنية ديمقراطية تحقق أهدافها في الحرية والعدالة والسلام.
واتهم الآلية بتأييد الإفلات من العقوبة في الجرائم والانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون السودانيون، مؤكداً تمسكه بمساءلة ومحاسبة الجناة.
والتقت الآلية الأحد الجبهة الثورية التي تضم حركات مسلحة ومجموعات سياسية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجبهة الثورية، أسامة سعيد، في بيان، إن المجلس الرئاسي للجبهة الثورية برئاسة عضو المجلس السيادي الهادي إدريس اجتمع بممثلي الآلية في إطار المحادثات السودانية – السودانية غير المباشرة التي تقوم بتيسيرها الآلية الثلاثية.
وأوضحت رؤيتها لمنهجية الحوار المقدم في المبادرة التي طرحتها في مارس/ آذار الماضي للوساطة بين الأطراف السودانية.
وأشارت إلى أن موقفها المعلن في المبادرة يؤكد ايمانها بأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الأزمة في البلاد، وأن الآلية الثلاثية تلعب دور المسهل لجمع الفرقاء وحشد الدعم الدولي لإنجاح الحوار.
ورأت الجبهة الثورية أن ضمان نجاح عملية الحوار يستدعي أن تكون العملية السياسية شاملة من حيث الموضوعات والأطراف، مشيرة إلى أنها ترى أن أطراف الحوار من حيث المبدأ هم كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والأهلي ولجان المقاومة ما عدا حزب المؤتمر الوطني.
وقسمت القوى المشاركة في الحوار إلى قسمين، أطراف الحوار في المرحلة الأولى المعنية بتحقيق التوافق على تسمية رئيس الوزراء و التي تضم وفق رؤية الجبهة الثورية المكون العسكري و«الحرية والتغيير» والجبهة الثورية
أما القسم الثاني، حسب البيان، فيضم كل الأطراف المذكورة في القسم الأول، بالإضافة إلى ممثلين لكل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والأهلي ولجان المقاومة، ما عدا المؤتمر الوطني، مشيرا إلى أن هذه الأطراف معنية بالحوار في المرحلة الثانية بغرض تحقيق هدف إنتاج مقاربة وطنية في الموضوعات التي تختص بنظام الحكم وصناعة الدستور والانتخابات.
وفيما يخص مؤسسات وأجهزة الفترة الانتقالية أكدت «الجبهة الثورية» على ضرورة أن ترتكز على مبادئ أساسية وهي أن يتم تشكيلها عبر توافق بين المدنيين والعسكريين وإشراك قطاع واسع من مكونات الشعب السوداني في هذا الأمر، بالإضافة إلى العمل على التمثيل العادل الذي يعكس التنوع الجغرافي، وفقاً لمعايير النزاهة والكفاءة.
يُشار إلى أن الآلية الثلاثية أعلنت الخميس الماضي، بداية المحادثات السودانية – السودانية غير المباشرة، بعد تعثر انطلاقها يوم الثلاثاء الماضي.
وأكدت أنها تقوم فقط بمهام التيسير للحوار بين الأطراف السودانية لإيجاد مخرج من الأزمة الحالية الناتجة عن الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وتيسير العودة للوضع الدستوري ولمسار انتقالي نحو الحكم المدني والديمقراطية والسلام في السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى